الأحد، 12 يوليو 2009

آليات الكتابة و منهجييتها (تمارين تطبيقية)

الجامعة اللبنانية

كلية التربية - العمادة

 

 

 

 

 

 

 

آليات الكتابة و منهجييتها

(تمارين تطبيقية)

 

 

 

 

المقرر : مشغل و مختبر.

إعداد الطلاب : كلوديا ناصر الدين، فراس حريري، و عدنان الأحمد.

إشراف الدكتور سمير زيدان.

 

 

مقدمة:

 

بعد تصفحنا لعدد من المواقع الالكترونية على الشبكة العنكبوتية، وقع اختيارنا على موقع الشبكة التونسية    http://www.edunet.tn/ ، الذي يحتوي على الكثير من التوجيهات و الدروس لدعم وتنويع منهجية الكتابة في الفلسفة، ويعود سبب الاختيار الى :

-         تخصص الموقع في تعليم مادة الفلسفة.

-         غناه بالكثير من التوجيهات حول بيداغوجيا التعليم وكيفية تطويعها لمادة الفلسفة.

-         تنوع الخدمات التي يقدمها للمعلم والمتعلم على السواء.

-         رصانته، وحرصه على تحديث معلوماته واضافة كل جديد.

وما يهمنا في هذا البحث، هو كيفية الاستفادة من نصائح موجودة على الموقع لتطوير منهجية الكتابة في درسنا الفلسفي. لذلك سنبدأ بعرض لأهم أهداف تعليم الفلسفة، والتي لا تتحقق الا من خلال اكتساب المتعلم لأسس وقواعد منهجية الكتابة الفلسفية :

أهداف تعليم الفلسفة:

-         أوّلا : "التحليل من خلال النصّ الفلسفي و التعبير تعبيرا فنّيا سليما عن الإشكالية التي يطرحها هذا النص، و تبيّن طرق الاستدلال فيه" .

-         ثانيا : "التأليف و إعادة استخدام المعارف المكتسبة و التصرّف فيها وفق ما تقتضيه معالجة المسائل الفلسفية من خلال رصد الإشكاليات و تحديد دلالات المفاهيم و إقامة العلاقة فيما بينها".

-         ثالثا : "التعبير عن الأفكار بدقّة ووضوح و ذلك بتدريب المتعلم على الكتابة الفلسفية بما تقتضيه من تحكّم في طرق الاستدلال و وجاهةٍ في استعمال المفاهيم " .

ونؤكد على اهمية الكتابة الفلسفية كلحظة اساسية من لحظات التعلم، لأنها هي التي تسمح للمتعلم بإظهار قدراته في المهارات المطلوبة في الدرس الفلسفي ( اشكلة، مفهمة، حجاج ) وبالتالي تسمح للمعلم بتقويم هذه القدرات عند المتعلم .

ولا يمكن للمتعلم امتلاك مهارة الكتابة الفلسفية الا من خلال :

-         الاعتماد على النص كسند للدرس في معالجة المسائل.

-         التدرب على التفكير بنفسه من خلال تعامله مع النص.

أسس المقال الفلسفي  بين لبنان وتونس: 

من خلال اطلاعنا على اسس الكتابة الفلسفية المتبعة في الدرس التونسي، لاحظنا وجود بعض الفروقات مع ما هو متبع في الدرس الفلسفي اللبناني، خاصةً لجهة المقالة الفلسفية المطلوب انشاؤها في الامتحان الرسمي، ومن هنا جاءت فكرة المقارنة بين طريقتي الكتابة الآنفتي الذكر.

أولاً: أسس المقال الفلسفي المتبعة في لبنان:

يطلب من المتعلم في لبنان انتاج مقالة تأخذ بعين الاعتبار الخطوات التالية :

-         مقدمة، و ترتكز على :

o      تحديد للمسألة.

o      تدرج من العام الى الخاص.

o      تعريف بالموضوع دون الدخول في التفاصيل.

-         إشكالية، و فيها :

o      الأطروحة التي يثبتها النص او القول.

o      الأطروحة التي يستبعدها النص او القول.

-         شرح، و يتناول الطالب فيه موقف الفيلسوف صاحب النص او القول ، وذلك بشرحه بأمانة تامة دون تحريف ، او إدخال عناصر ذاتية.

-         مناقشة، وفيها :

o      عرض وجهات النظر المشابهة لموقف الفيلسوف صاحب النص او القول. 

o      عرض وجهات النظر المخالفة لموقف الفيلسوف صاحب النص او القول. 

o      عرض وجهات النظر المجاوزة لموقف الفيلسوف صاحب النص او القول.

-         خاتمة، و تكون عبارة عن توليفة او رأي للمتعلم ولكن شرط ان يكون مبرراً منطقياً بأكثر من حجة.

اما اسس المقال الفلسفي في تونس، التي يُطلب من التلميذ اتباعها  في المقال الفلسفي تحليلا كان أو إنشاء، فهي : أن يتبيّن إشكالية النصّ، و أن يطرحها طرحا سليماً، و أن يتعرّف على أطروحة  الكاتب، و الأطروحة المستبعدة، و شبكة المفاهيم، و طريقة الحجاج، و رهانات النصّ و أن يبيّن بالإعتماد على تفكيره الخاصّ مدى و جاهة أطروحة الكاتب و أن يعبّر عن ذلك بأسلوب دقيق منطقي و واضح. أما في الإنشاء فيطلب منه تحديد إشكالية الموضوع و التعبير عنها بكيفية سليمة و التدرّج في حلّها بالاشتغال على المفاهيم و توظيف المعلومات و الاستدلال و النقاش .

اقتراحات الشبكة التونسية حول امتلاك المتعلم لقدرات الكتابة الفلسفية :

إنّ ما يقوم به التلميذ بمساعدة أستاذه في الدّروس العادية هامّ ، فهو يتدرّب  على التعرّف على كيفية طرح الكاتب للإشكالية و على أطروحته و ما إلى ذلك ... غير أن تعدّد المهامّ التي على الأستاذ أن ينجزها خلال الدّرس الواحد و ضغط البرنامج و عدد التلاميذ و نوعية التعامل مع النصّ كسند للدّرس ... كلّ هذا يحدّ من فرصة مشاركة التلميذ مشاركة فعّالة في صياغة الإشكالية بنفسه صياغة سليمة، أو تحديد الأطروحة بنفسه بكيفية دقيقة إذ عادة ما يقوم بذلك واحد من التلاميذ، أو حتى الأستاذ هو نفسه في حالة تعثّر تلاميذه .

من هنا جاءت فكرة تخصيص حصّة أسبوعية مع  تلاميذ الفصل لتدريبهم على القدرات الجزئية التي تقتضيها الكتابة الفلسفية، وسنقوم بعرض عدد من النماذج والتمارين التي تستهدف تنمية قدرات المتعلمين فيما يخص مهارات الكتابة الفلسفية.

 

تمرين على الاشكلة :

بإمكان الأستاذ أن يختار نصّا مصحوبا بأسئلة تساعد الإجابة عليها على تحقيق هذا الغرض. مثلا :

1.    ما هو السّؤال الذي يجيب عنه النصّ ؟

2.    ما هي إجابة الكاتب على هذا السّؤال ؟

3.    ما هي الإجابة المستبعدة ؟

4.    ما هي المسلّمات الضمنية للسّؤال ؟

5.    ما هو هدف الكاتب من كتابة هذا النصّ ؟

6.    صغ إشكالية النصّ في ضوء الإجابة على هذه الأسئلة .

مثلا، بالنّسبة إلى نصّ سبينوزا "هل نعرف الجسد ؟" السّؤال المطروح هو : "كيف هي علاقة النّفس بالجسد ؟"

إجابة الكاتب هي : "النّفس و الجسد وجهان لحقيقة واحدة"

الإجابة المستبعدة هي: "النّفس و الجسد جوهران متمايزان"

ضمنيات السّؤال "الإنسان نفس و جسد"

رهانات الكاتب هي "الكشف عن مدى جهلنا بالجسد و بيان مستطاعه و مدى دوره في تحديد ماهية الإنسان"

الإشكالية هي إذن: إذا سلّمنها بأنّ الإنسان نفس و جسد، فكيف هي العلاقة بينهما ؟ هل هي علاقة انفصال قد يؤدّي الإقرار بها إلى تجاهل مستطاع الجسد و مدى دوره في تحديد ماهية الإنسان ؟ أم أنّ النّفس و الجسد وجهان لحقيقة واحدة كما يذهب إلى ذلك سبينوزا في هذا النصّ من "علم الأخلاق " ؟ و أيّ النّتائج يمكن أن تنجرّ عن هذا  الإقرار ؟

تمرين على الحجاج :

بالنّسبة إلى تمييز الحجاج الفلسفي عن البرهان الرّياضي  يمكن الاشتغال على برهان رياضي و نصّ يتضمّن حجاجا فلسفيا، يطلب من التلاميذ تأمّل البرهان الرّياضي و الحجاج في النصّ الفلسفي و استخلاص الفروق بينهما، ثمّ تقارن الاستخلاصات و تصاغ في شكل مذكّرة تأليفية. و نفس الشّيء بين الحجاج الفلسفي و الحجاج السفسطائي، على أنّ التمرين قد يتمّ من خلال نصّ لأفلاطون لأسباب تمليها طبيعة الفلسفة الأفلاطونية بما هي فلسفة موجّهة ضدّ السّفسطة، أو من خلال المقارنة بين قياس فلسفي يحرص على أن يكون منطقيا و قياس سفسطائي ليس له من المنطق سوى الظّاهر . 

و بالنّسبة إلى أشكال الحجاج الفلسفي يمكن تحقيق ذلك من خلال نصوص لفلاسفة مختلفين تتضمّن أنماطا مختلفة من الحجاج . أما بالنّسبة إلى تحديد دور المثال في الحجاج الفلسفي، فيمكن الاشتغال على نصّين أحدهما تعتمد فيه الأمثلة لتدعيم فكرة، و الاَخر تعتمد فيه كأمثلة مضادّة لدحض أطروحة نقيضة. بالنّسبة إلى المكاسب و الحدود يمكن اعتماد نصوص مصحوبة بأسئلة تساعد التلاميذ - مثلا - على استخلاص النتائج الإيجابية أو السّلبية، المعرفية أو العملية، التي يمكن أن تنجرّ عن تبني الأطروحة.

تمرين على الروابط المنطقية :

بالنّسبة إلى الرّوابط المنطقية  يمكن الاشتغال على نصّ  يُطلب من التلاميذ وضع سطر تحت الرّوابط المنطقية فيه و استخلاص نوعية العلاقات التي تعبّر عنها : استنتاج ، استدراك ، لزوم ، تضمّن ، تقابل ... و استنتاج دور هذه الرّوابط في الأشكلة و المفهمة و الحجاج .

 

 

تمرين على الانتقال من الكلمة الى الدلالة :

بالنّسبة إلى الانتقال من الكلمة ذات الدّلالة العامّة notion إلى المفهوم concept يمكن تدريب التلاميذ على تجاوز الدّلالة العامّة للكلمات و هي عادة دلالة ضبابية و ذات طابع عفوي إلى دلالة دّقيقة تتحدّد داخل إشكالية ما     و ضمن مسار حجاجي ما . يمكن المقارنة بين نصّيّن يعطيان مفهومين مختلفين لنفس الكلمة بالاعتماد على نوعين مختلفين من الحجاج من أجل تحقيق هدفين مختلفين . أو من خلال نصّ يصحّح الدّلالة العامّة لكلمة و ينتهي إلى مفهوم محدّد لها في إطار معالجة إشكالية ما لتحقيق هدف ما (مثلا نصّ سبينوزا عن الحرّية . انظر الملحق) .

تمرين على شبكة العلاقات بين المفاهيم :

بالنّسبة إلى الكشف عن شبكة العلاقات بين المفاهيم في النّص الفلسفي يمكن اعتماد نصّ يطلب من التلاميذ تبيّن العلاقات التي تربط بين المفاهيم فيه سواء أكانت علاقات تقبل أو لزوم أو تماهي إلخ ...   و استنتاج دور هذه العلاقات في بلورة أطروحة الكاتب مثلاً .

 

خاتمة :

          تشكل لحظة الكتابة اللحظة الأهم من لحظات التعلم في الدرس الفلسفي. لأن مجرد تعلم التفكير لا يكفي ليكون المتعلم قد امتلك المهارات التي تعد الفلسفة بتحقيقها لدى هذا المتعلم. فالتعبير الكتابي هو الذي يظهر مدى قدرة هذا المتعلم على تنظيم الأفكار و ترتيبها وفق منهجية و ترابط هادفين، و الكتابة هي التي تبين مدى استعداد المتعلم و كفايته لقراءة النص الفلسفي قراءة جادة تكشف الأطروحة التي يعرضها، و النتائج المترتبة على الأخذ به، و الأطروحات التي تعارضها، و رهاناتها هي الأخرى، و بالتالي القدرة على ممارسة الرأي المستقل و صياغته بشكل متماسك، هادف، و مدعوم بالحجج المناسبة.

          غير أن معنى تحقق هذه الكفايات الأساسية (الأشكلة – المفهمة – الحجاج ...) لا تعني أن المتعلم سيصبح قادراً على ممارسة فعل التفلسف، أو تقليد الفلاسفة، إن ما يفعله المتعلم هو امتلاك القدرات الأساسية التي تؤهله للدخول الى الفضاء الفلسفي لا أكثر، على اعتبار أن فعل التفلسف هو فعل عسير و شاق، و ليس من السهل، حتى على المتخصصين ممارسته بالشكل الإبداعي الذي يتوهم البعض أن على تعليم الفلسفة في المرحلة الثانوية أن يحققه لدى المتعلمين.

          و يبقى أمران لا بد من الإشارة إليهما :

·        الأمر الأول يتعلق بضرورة التساؤل حول كيفية جعل هذه التمارين الموضعية الجزئية التي تستهدف عناصر أساسية من الكفايات النوعية، تتدامج فيما بينها لتتحقق لدى المتعلم القدرة على استعمال هذه القدرات في كتابة المقالة الفلسفية المتكاملة.

·        الأمر الثاني الذي ينبغي أن نشير إليه هو ضرورة الإستفادة من هذه الإستراتيجية المتبعة في تونس، و التي تخصص ساعة في الأسبوع للتمرن على الكتابة الفلسفية، الأمر الذي يجعل المتعلم أكثر قدرة على التعامل مع النص أو القول. و بانتظار أن يتم ذلك لا بد من توجيه بعض النصائح لمعلم مادة الفلسفة لكي يكون أكثر قدرة على مساعدة المتعلمين على التوصل الى امتلاك الكفايات الأساسية التي تتطلبها الكتابة المنهجية في الفلسفة :

o       أوّلاً : ينظّم دروسه بحيث يكون ما يقوم به في حصص التدريب تدقيقا للمهارات المستخدمة في الحصص العادية، و ما يقوم به في الحصص العادية تدعيما لتلك المهارات .

o       ثانياً : يختار نصوصه و تمارينه بكلّ دقّة بحسب أهداف دقيقة يخطّط لها سلفا .   

o       ثالثاً : أن تكون هذه النّصوص و التمارين قابلة للإنجاز في حصّة واحدة بساعة ، و ما من شأنه أن يعين الأستاذ على ذلك تكليف تلاميذه بأعمال منزلية .

o       رابعاً : يجب أن تكون الأسئلة المطروحة عل  التلاميذ مدروسة بحسب الأهداف التي يريد الأستاذ أن يحقّقها .

o       خامساً : يتعيّن على الأستاذ أن ينجز تلك الحصص بكيفية متدرّجة و أن يحسّس تلاميذه بأنّ القدرات التي يتدرّبون عليها لا قيمة لها إلاّ في علاقة ببعضها في أطار عمل متكامل هو المقال .

o       سادساً : عند إصلاح كلّ فرض يساعد الأستاذ تلاميذه على استثمار مكتسباتهم المنهجية من حصص التدريب .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجــــــــــــــع

 

1.   Fichiers d'exercices, Philosophie . Editions Magnard .

2.   Michel Tozzi, Penser par soi-même .

3.   Michel Tozzi, Vers une didactique de l'apprentissage du philosopher .

4.   Michel Tozzi, Apprendre à philosopher dans les lycées aujourd'hui.

5.   Michel Carré, La lecture philosophique (exposé.)

6.   http://philosophie22.blogaraby.com

7.   http://francois.muller.free.fr/diversifier/formativ.htm

8.   http://www.philomaghreb.com/bb/viewtopic.php

9.   http://www.fesalup.com/QN09R34032QV/Manhajiyat%20kitaba%20fi%20falsafa%20=%20Adil%20Al-Bahja.pdf.

 

 

 

 

            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق