الجمعة، 17 يوليو 2009

التقويم من منظور المقاربة بالكفايات - فراس - دجى - عدنان

الجامعة اللبنانية
كلية التربية
العمادة




المقرر: تقويم خاص

التقويم بالكفايات

الإشراف: الدكتور سمير زيدان
الإعداد: دجى بوذياب- فراس حريري- عدنان الأحمد
الإختصاص: فلسفة وحضارات






دورة الكفاءة لأساتذة التعليم الثانوي
العام الدراسي 2008- 2009- الفصل الثاني
v مقدمة
إن المنافسة الكونية الحادة التي تظهر مع بداية الألفية الثالثة، تتأسس في المرتبة الأولى على الطاقة الإنسانية، باعتبارها المصدر الرئيس لربح رهانات هذه المنافسة. لذلك، أصبح الإهتمام اليوم منصبّا على المنظومة التعليمية وإعداد الموارد البشرية، من خلال إعتماد وتبنّي نمط جديد من التربية والبيداغوجيا عموماً، والمقاربة بالكفايات؛ كتصوّر حديث داخل الحقل التربوي والبيداغوجي، إذ يعتبر فيه تكيّف الفرد مع محيطه الطبيعي والإجتماعي، والثقافي والإقتصادي والسياسي، المحلي والكوني ...، من الغايات الرئيسية.
والمقاربة بالكفايات تقف أمام أساليب الترويض والتنميط، والتلقين، لتنفتح على روح العصر، الذي يقوم على مبادئ العقل والتحديث، والذي يسلك سلم التدرج نحو الكفاية وامتلاك المهارة والقدرات المعرفية والوجدانية والحسية – الحركية ، وكذا تلك التي تلتقي مع تكييف المتعلمين وقدراتهم مع محيطهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. هذا يعني ضرورة الاستجابة للتزايد الكمي للمعلومات، ولجاهزيتها من خلال الوسائط المتعددة .
ثم أيضا، إن هذه المقاربة الجديدة في الحقل التربوي تدعو إلى ضرورة إعطاء معنى لتعلمات من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية: لماذا أتعلم ؟ ماذا أتعلم ؟ كيف أتعلم ؟ لماذا المدرسة؟ فهذه التساؤلات تخلق لدى المتعلم وعيا بفعل التعلم، وتمكنه من الأدوات الفكرية والاجتماعية – الوجدانية التي تسمح له ببناء تصور ورؤية ومعنى حول ما يطلب منه.
عدا عن ذلك، فإن المقاربة بالكفايات تسهم في محاربة الفشل الدراسي الذي يقلل من فعالية ومردودية المؤسسة التربوية.
v التقويم: أهميته وموقعه.
يدخل التقويم ضمن أهم العناصر الأساسية التي تقوم عليها المقاربة بالكفايات، فهو عملية مندمجة في المنهاج الدراسي، كما هو الشأن بالنسبة للطريقة التعليمية، ولا يمكن الاستغناء عنه خلال ممارسة الفعل التربوي . إنه عنصر يتفاعل مع مختلف عناصر بنية الإستراتيجية التعليمية التعلمية، وهو بذلك لا يكون منفصلا عنها، بل يساهم بشكل فعال في انسجام وحدة البنية قصد تحقق الكفايات المستهدفة.
ولا يقتصر التقويم في إصدار حكم على المتعّلم وتقديم الملاحظة فقط، بل يوظف من أجل إيجاد حركية إيجابية في كل نشاط تعليمي – تعّلمي . إنه يستعمل من أجل توجيه العملية التعليمية – التعّلمية وإثرائها.
لقد كان المعلّم في التصور التقليدي للتدريس يُعتبر المنبع الوحيد للمعرفة. هو الذي يمتلكها وهو القادر على إبلاغها للتلاميذ، كان الغرض الأساسي من هذا التدريس الكلاسيكي هو تلقين مجموعة من الحقائق إلى التلميذ وحشو ذهنه بالمعلومات.
أما اليوم، لقد أصبح المتعّلم هو مركز الاهتمام داخل المناهج التعليمية، وﺑﻬذا تغيرت النظرة إلى عملية التعليم وأصبحت تعتبر تنظيما لعمليتي التعليم والتعّلم، يوجه الاهتمام فيها إلى الحاجيات المختلفة عند المتعّلم.
وأصبح بذلك على المعلّم أن يقوم بشكل دائم بتشخيص نتائج تعليمه، ويتمكن من تبيّن أي خلل في أدوات القياس والتقويم التي يستعملها، وذلك بسبب الأهمية التي تكتسيها عملية إعداد موضوعات (أداة) الاختبار.
ولذا على المعلّم – وعند قيامه بالإعداد للإختبار عليه: تحديد موضوع التقويم وأهدافه، البحث عن أداة التقويم الملائمة، اجراء التقويم واستعمال الأداة ،أسئلة ، تمرين ،.... تصحيح انجازات المتعلّمين، معالجة المعلومات المحصل عليها واتخاذ القرارات التصحيحية.
v أدوات التقويم:
إن أداة الاختبار هي الوسيلة الوحيدة التي يستعملها المعلّم، لكي يقيس إنجازات المتعلّمين، مما يعني ضرورة هذه الأداة وإعدادها بدقة حتى تكون أداة ملائمة تتسم بالصلاحية والثبات.
- ويمكن القول أن الأداة الإختبارية لابد أن تتسم:
1. بالصلاحية، أي أﻧﻬا تغطي جميع الجوانب التي دُرست فعلا (صلاحية المحتوى)، وتلائم نتائجها، نتائج أي اختبار مماثل ثبتت صلاحيته (صلاحية الزمن) ، كما أﻧﻬا تقيس المستوى الفعلي للمتعلّم في وضعيات مختلفة (صلاحية التوقع). وتكون الأداة الاختبارية غير مُتسمة بالصلاحية، عندما تكون الأسئلة لا تغطي إلا جزءا مما دُرّس، فيلجأ المتعلّمين إلى التخمين واستجداء الحظ، أو عندما لا تعكس المستوى الفعلي للمتعلّمين، الذي قيس سابقًا بواسطة أداة أخرى مماثلة أو في وضعيات مختلفة.
2. بالثبات، عندما يستعملها أكثر من شخص لقياس المعطيات نفسها، فيصلون إلى النتائج نفسها. فإذا قدمت ورقة لعدد من المصحّحين في الوقت نفسه، أو مصحح واحد في أوقات متباعدة، فإن عدم ثبات الانسجام والتقارب في تقدير قيمة الإنجاز يدل على عدم ثبات الأداة الإختبارية على الأقل في بعض الحالات.
من هنا تبرز أهمية اختبار مدى ثبات وصلاحية أدوات الاختبار، لأﻧﻬا هي الميزان الذي نزن به قيمة التعلم، ونختزن بواسطته مدى تحقق الأهداف المرجوة. فإذا ثبت خلل في الأدوات، فإن النتائج المحصّل عليها ليست يقينية وموضوعية، مما يعرّض ضرورة مراجعتها، واقتراح أدوات بديلة، لذلك فإن عملية تصحيح التقويم تفترض منا أن نجيب على أسئلة مثل :
- هل أسئلة الاختبار تغطي العناصر التي تم تدريسها ؟
- هل النتيجة التي حصل عليها المتعلّم تمثل فعلا المستوى الحقيقي له؟
- هل قياس مستوى المتعلّم مماثل بالنسبة لأكثر من معلّم، بحيث أﻧﻬم لا يختلفون في تقدير مجهود المتعلّمين؟
v التقويم في الدرس الفلسفي:
إن الدرس الفلسفي داخل مادة الفلسفة هو عبارة عن مفاهيم وآراء فلسفية تسمح للمتعلّم من استغلال إمكاناته الفكرية ليقف عند حدود موقفه الخاص، وليبحث عن الأسس والمبادئ التي يقوم عليها التفكير السليم.
وتعتمد مادة الفلسفة؛ مبدأ تنمية قدرات المتعلّم الذاتية على مستوى طرح القضايا وتناولها والبحث عن الحلول، مبدأ فعالية المتعلّم، وتتمثل في انخراطه في سيرورات البحث والاكتشاف. كما تنطلق هذه المادة من قيم أساسية تهم المتعلّم على مستوى وجوده الذاتي والاجتماعي منها كحرية التفكير، احترام أفكار الآخرين المبنية على العقلانية والأخلاق، وضرورة الحوار.
والأهم من هذا كلّه أنها "تلك المادة النظرية التي يستعملها المدرس لتحليل الإشكالات وفحصها واستخلاص الأسئلة بشأنها، ...، فليس موضوع الدرس هو ذلك المضمون معروضا من طرف المدرس، بل الإشكال الذي يتم بناؤه ومعالجته انطلاقا من ذلك المضمون، فعند انتقاء المضمون النظري المستعمل في الدرس ينبغي الحرص على اعتباره وسيلة لتحليل مناقشة الإشكال المطروح ومعالجته وفحصه في أبعاده ومستوياته المختلفة".
ولعل الإشكالية الأبرز هنا، قد تبدو واضحة من خلال طرح بعض من تساؤلات خاصة بالتقويم تطرحها طبيعة الدرس الفلسفي، بمضمونه من جهة، وطريقة معالجة هذا المضمون من جهة أخرى. مثل:
- كيف تتدخل ذاتية المعلّم المقوم أثناء تصحيح وإبداء قيمة عددية لأحد انجازات االمتعلّمين في مادة الفلسفة خاصة ؟
- هل إشكالية التنقيط وتأويل النقط تعود إلى طبيعة المادة: مادة الفلسفة، أم إلى استعدادات المتعلّم، أم أنها نتيجة ميولات المقوم الفكرية ؟
- كيف يمكن مواجهة هذه الإشكالية، انطلاقا من تبني المقاربة بالكفايات ؟
- ثم إلى أي حد يتناول التقويم من منظور المقاربة بالكفايات إشكال المزاوجة والتوفيق بين التقويم التقليدي، والتقويم المعتمد على معايير ومؤشرات تتخذ أساسا لتقدير مدى تحقق الكفايات؟
يعتبر التقويم عملية مركبة وغير واضحة النتائج دائما، وتتدخل فيها العديد من المتغيرات وفي مقدمتها المواقف الشخصية للمقوم وتصوراته الخاصة حول ما ينتظره المجتمع من التعليم وحول أهدافه التربوية بشكل عام . هذا يعني أن التقويم ليس عملية سهلة تكتفي بوضع عدد من الأسئلة نستطيع التحقق من حصول التعلم باستعمال مقياس لرصد مواطن القوة أو الضعف في سلوك المتعلّم وأدائه لرصد ما اكتسبه من مهارات ومعارف.
كيف يمكن أن يكون التقويم أكثر موضوعية ودقة؟
ربما نستطيع البدء مثلاً بالتوقف عن الاعتماد على مقارنة المتعلّمين بزملائهم، واللجوء الى مقارنتهم بما كانوا عليه وما أصبح بإمكانهم القيام به بعد التعليم. ذلك أن المقارنة السليمة ينبغي أن تستند على الأهداف المنشودة وعلى معايير المحددة سلفا والتي تتغير انطلاقا منها الوضعية التي يكون عليها المتعلّم في البداية وقبل شروعه في تعلم المادة الدراسية ثم ما صار عليه بعد الانتهاء من حصة أو مجموعة من الحصص.
أي ينبغي أن تسود في نظامنا التعليمي وكلما تعلق الأمر بتقويم الكفايات الاختبارات مرجعية المحك (le critère référentiel) بدل الاختبارات مرجعيـــــة الجماعــــــــــة (la norme référentiel) فالاختبارات مرجعية المحك تتميز بأن لها قيمة تشخيصية لتحديد جوانب القوة والضعف في تحصيل االمتعلّم وتستخدم أساسا لتقويم كفايات الأفراد.
وليس التقويم عملية منعزلة، ولكنه سيرورة معقدة تهدف في أساسها إلى تحديد ما تحقق فعلا من الأهداف التربوية بواسطة المواد وطرق التدريس. وإذا كانت الأهداف التربوية، هي في الأساس تحقيق تغيرات معينة مرغوب فيها في الأنماط السلوكية للمتعلّم - الإنسان، فإن التقويم معناه العملية التي نحدد بفضلها الدرجة التي تحدث بها فعلا هذه التغيرات.
وإنطلاقاً من الإرتباط الوثيق بين التقويم والأهداف التربوية والتي تصير المنطلقات الضرورية في عملية التقويم، فإن الأهداف تشكل معايير التقويم ، فإذا صغنا هدفا على النحو التالي : " أن يكون التلميذ قادرا على تحرير إنشاء فلسفي في موضوع الوعي وعلاقته بالإدراكات الحسية ". فإن هذا الهدف يصبح ميثاقا يجعل الجميع مدركين لمستوى الإنجاز والأداء المطلوب، ومتفـقين على سلم التصحيح ودرجات التنقـيط.
لعل أسلوب الاختبارات مرجعية المحك وما ارتبط بها من تقنيات وتطبيقات وما ترتب عنها من منهجية جديدة تؤكد التكامل بين عملية التعليم وعملية التقويم من خلال الأهداف التربوية المستقبلية.
v التقويم من منظور المقاربة بالكفايات.
لقد قدم فريق الباحث البلجيكي دوكتيل تعريفاً عن الكفاية مفاده؛ "إن الكفاية هي هدف إجرائي في وضعية معينة من الإنجاز". لكن هذا التعريف غير كاف لإبراز مختلف جوانب التعقيد والغناء المفاهيمي الذي ينطوي عليه مفهوم الكفاية في مجال التربية والتكوين، سواء على مستوى التخطيط البيداغـوجي أو على مستوى التقويم التربوي.
ومن أجل توضيح ذلك، يشير دوكتيل إلى أن الهدف الإجرائي يتضمن قدرة فكرية أو حركية إضافة إلى مضمون دراسي أو تكويني محدد، فإذا أضفنا لهذا الهدف الإجرائي وضعية معينة للإنجاز، فإنه يصبح كفاية. ويحقق المعادلة التالية:
- الهدف الإجرائي او الخاص x وضعيات = الكفاية
- الهدف الإجرائي = القدرة x المحتوى.
لابد من الإشارة هنا، إلى نوع جديد من الأهداف جاءت به المقاربة بالكفايات مع روجيرز ودوكتيل، إنه الهدف النهائي الإدماجي Objectif terminal d’intégration، وهو ما يصطلح عليه ب OTI. إنه هدف يلتقي مع مفهوم المواصفة التعليمية Profil d’apprentissage، التي تلخص المهارات والكفايات المستهدفة عند نهاية سنة دراسية أو سلك تعليمي معين. غير أن دوكتيل وروجيرز يؤكدان أن الهدف النهائي الإدماجي يتطلب سلك دراسيا ، يستغرق على الأقل سنة دراسية .
ولقد صنف دوكتيل التقويم الى أربعة أنواع هي: التقويم التوجيهي Evaluation d’orientation، التقويم من أجل الضبط Evaluation de régulation، التقويم الإجمالي Evaluation certificative، تقويم الإشهاد والضبط Evaluation certificative et régulation.
إلى جانب هذا التصنيف لأنواع التقويم، هناك تصنيف آخر يتحدد حسب زمن إجرائه وأغراضه. وهو ثلاثة أنواع هي كالتالي: التقويم التشخيصي Evaluation diagnostique، التقويم التكويني Evaluation formativ، التقويم الإجمالي Evaluation Sommative.
إنطلاقاً مما سبق، ربما نستطيع إختيار نوعين من التقويم، نرى أن إستخدامهما خلال العام الدراسي، إنما يشكّل مقوّماً أساسياً في سير العملية التعليمية التعلّمية نحو أهدافها المرسومة، وهذا النوعان هما:
التقويم من أجل الضبط الذي ورد ذكره مع روجيرز ودوكتيل، ذلك أن هذا النوع من التقويم يحدث خلال تدريس كل وحدة ديداكتيكية وعلى امتداد السنة الدراسية، ويتم استغلال نتائجه بانتظام. مما يجعل المعلّم أكثر إطلاعاً على نتائج عمله التعليمي التربو، وبالتالي أكثر قدرة على التحسين والتغيير، بخاصة وأن هذا النوع من التقويمنما يهدف الى اتخاذ القرارات قصد تحسين نوعية التعليم والتعلم ، وتطوير جودة التحصيل لدى المتعلّمين، مع الحد من الفروقات بينهم، وبالتالي القضاء على الصعوبات قبل استفحالها، كما يرمي إلى تأهيل أكبر عدد من المتعلّمين لمتابعة التعلم بشكل يحد من الفشل والتكرار.
ومن أهم أدوات هذا التقويم، الملاحظة العفوية والتقويمات السريعة المركزة وتحليل أخطاء المتعلّمين المتكررة في إطار مقاربة التشخيص – التصحيح وتقديم الدعم والتقوية . أما موضوع هذا التقويم فهي تلك التعلمات الدقيقة les apprentissage ponételles
بلإضافة الى ذلك أن هذا التقويم إنما يشبه الى حد بعيد التقويم التكويني ذلك أن هذا الأخير يعد من العمليات التي تجرى خلال مهام تعليمية معينة، وذلك بهدف اخبار المتعلم والمتعلّم بدرجة التحكم في الكفاية المستهدفة، واكتشاف مواطن الصعوبة التي يصادفها المتعلّم خلال تعلمه ، من أجل ايجاد استراتيجيات تمكنه من التقدم والتحسن، لأن الغاية منه ليس التقويم بل هي التكوين والتطوير الذي يسعى إلى احداث التغيير المستمر والتحسن في سلوك المتعلّم الذي نقومه. ويمكن التقويم التكويني كذلك من تحديد مؤهلات المتعلم للإقبال على مراحل جديدة من تعلمه وفق مراحل متسلسلة، كما يمكن من تصحيح ثغرات التعليم.
وفي هذا الإطار يمكن الحديث عن المراقبة المستمرة، التي تمكن من التعرف على امكانات المتعلّمين ومردودهم وتطور أدائهم ومدى فعالية الطرق والسبل المستعملة في التعليم. كما عن قياس مدى استيعابهم للدروس السابقة عن طريق التمارين والفروض التي تواكب العملية التعليمية – التعلمية.
من هنا نستطيع القول أن التقويم من أجل الضبط، والتقويم التكويني، يشكّلان الركيزة الأساس في عملية التقويم بالكفايات بشكل عام، وأهم ما فيهما نهما يساعدان على إجراء المقاربات في تقويم الكفايات، وذلك لما يتطلبه تقويم الكفايات من دقة وعناية، ولعلنا هنا نستطيع إعمال مقاربات تعنى أساسا بتقويم المدخلات والمخرجات وسيرورة التعلم أو الإدماج ، وهما:
1- قياس التغيير: أي قياس النفص الحاصل في التعلّم واكتساب الكفايات، استناداً الى معايير مثل:
أ‌- معيار الإقصاء ، الذي يقر بكون النقص أو التغيير في التحصيل ، يرجع لأسباب تنحصر في سياق عملية التعليم والتعلم وفي سيرورتهما، مما يجعل ذلك النقص قابلا للاستدراك وذلك بواسطة أنشطة الدعم والتقوية .
ب‌- معيار الفرق، الذي يفرض وجود نقص أو فارق ملموس بين النتيجة المحصل عليها من المتعلم والنتيجة المرتقبة في مجال من مجالات الكفايات والتحصيل الدراسي.
2- تحليل الأخطاء المنتظمة :
يعتبر تحليل الأخطاء المنتظمة لدى المتعلّمين، من بين المقاربات المعتمدة في التقويم بغاية التوصل إلى تشخيص بيداغـوجي متين ودقيق للصعوبات التي يعاني منها المتعلمون، وتحديد الأسباب المانعة لتحقيق الأهداف المرسومة وبلوغ الكفايات المستهدفة. ومن أهم المشتغلين في هذا الموضوع، تشـواكا Tatsuaka الذي وضع نموذجا سيكومتريا متينا ، لتحليل أخطاء المتعلمين بغاية خدمة التشخيص البيداغوجي ، أي التقويم التشخيصي.
v مفاهيم المقاربة بالكفايات بحسب Xavier ROEGIERS
· تعريف الكفاية وفق كزافيي روجيرس Xavier ROEGIERS : "قدرة الفرد (المتعلم) على تعبئة مجموعة موارد مدمجة لحل وضعية ـ مشكلة ضمن مجموعة من الوضعيات المترادفة ".
Roegiers,x, une pédagogie de l’intégration compétences et intégration des acquis dans l’enseignement, Bruxelles, de Boeck,2000
· قدرة الفرد/ المتعلم: حالة وعي حسي ووعي حركي ووعي سيكولوجي داخلي منبع إقدار الفرد على الفعل.
· تعبئة: فعل إشعالي لطاقة الفرد لاستدعاء واستحضار واستنفار موارد الفرد المختلفة، وملئها ذاتيا لأجل توظيفها في إنجاز مهمة. (حل وضعية ـ مشكلة).
· مجموعة موارد مدمجة: مجموعة من الموارد الذاتية والمكتسبة المتداخِلة فيما بينها والمستحكِمة والمنسجمة والمنصهرة والمندمجة (معرفة ـ مهارات ـ قيم ـ مواقف ـ خبرة ...). و(الموارد مجموعة من المكتسبات والوراثيات مختلفة الكم والنوع يمتلكها الفرد، يستدعيها حسب الحاجة والموضوع والمنهج، لتوظيفها في أداء مهمة معينة)
· وضعية ـ مشكلة: وضعية إشكالية تتطلب تدخلا لمعالجتها ومقاربتها من خلال دمج مجموعة من الموارد.
· مجموعة من الوضعيات المترادفة: الوضعيات المترادفة أو المتشابهة أو المتكافئة هي الوضعيات ذات معامل صعوبة واحد، بتمفصلات وتفاصيل مختلفة، تمارس فيها الكفاية، وتؤكد لنا تملكها. بمعنى تتطلب هذه الوضعيات الكفاية نفسها لحلها.
أما أساسيات الكفايات فهي:
تعتمد المقاربة بالكفايات على المنظور النسقي، وهذا يعني أن الكل يفوق مجموع الأجزاء، مما يتطلب مبدأ الإدماج. (الإدماج؛ سيرورة ربط الموارد السابقة بالموارد الجديدة، وإعادة هيكلتها وفق التمثلات والمخططات الداخلية للفرد وتطبيقها على الوضعيات الجديدة لتحقيق معالجتها ومقاربتها. فالإدماج بذلك ربط بين الموارد المكتسبة والمنفصلة لغاية تفعيلها وتوظيفها لتحقيق غاية معينة. (التعاطي مع وضعية ـ مشكلة). والإدماج في المجال التعليمي يتطلب الربط بين مكتسبات تعلمية في إطار معين أو من عدة أطر مختلفة ومكتسبات حالية، وإزالة مجموع التمفصلات بينها قصد استثمارها وتوظيفها بعد صهرها ودمجها لإنجاز مهمة معينة سواء فكرية أو أخلاقية أو مهارية أو مركبة. وهذا ما يسمى عند البعض بالإدماج السياقي، حيث ذلك الإنجاز يتم في وضعية دالة وذات معنى.)
· المكونات ليس لها الأهمية نفسها؛ بمعنى هناك الأولويات والأسبقيات فحل الوضعية المشكل أهم من حذق الآليات.
· في المقاربة بالكفايات الكفاءة لا تعني نفي حدوث ووقوع الخطأ؛ حيث للخطأ مكانة إيجابية في عملية التعلم، فهو محرك للتعلم.
· في المقاربة بالكفايات يتميز الخبير بمهارة التشخيص لأهميته في المعالجة، حيث تحديد مصادر الخطأ يساعد على بناء جهاز علاجي ناجح.
· في المقاربة بالكفايات يتم التعلم في سياقات دالة، مما يعني دوام الأثر مع الأيام، حيث حياة الطفل منبع أساسي للتعلمات المستديمة.
ذلك أن :
1. الكفاية فعل إشعال واستدعاء وتعبئة وإدماج وتصدي ومعالجة وحل وضعيات متنوعة.
2. الكفاية ليست معارف ولا قيم ولا مهارات ولا موارد كيفما كانت طبيعتها، وإنما سيرورة فعل.
3. الكفاية حالة إقدار على الفعل الناجح.
4. الكفاية متحولة في ذاتها وفي مجالها؛ بمعنى كفاية مستوى تعليمي مثلا هي قدرة في كفاية سلك تعليمي ( كفاية: إنشاء جمل دالة هي قدرة في كفاية الإنشاء )؛ وهذا ما يسمى تحول الكفاية في ذاتها، وأما تحولها في مجالها، فيعني انتقال الكفاية من السياق الذي تم بناؤها فيه إلى سياق آخر أو مجال آخر؛ فمثلا: نفترض أن كفاية نشر الخشب تم بناؤها في مجال الخشب، ثم انتقل بها الفرد إلى نشر الحديد، فهذا ما يعني تحول الكفاية من مجالها الأصلي.
5. الكفاية بنية معقدة من العمليات البيولوجية والفسيولوجية تتجلى بناتج الفعل سواء أكان داخليا (أحاسيس، مشاعر، تقاسيم الوجه ... ) أو خارجيا ( كلام، رسم، حركة ... ).
6. الكفاية بناء لا يتم فقط في سياق تعليمي/ تكويني بل حتى في سياق ممارساتي (معيش يومي).
7. الكفاية لا تعني النهاية، بل تعني بداية كفاية أكبر منها؛ ومنه لا تتوقف الكفاية عند تحقيق أهداف معرفية أو أخلاقية أو مهارية وإنما هي الإقدار على تعبئة وإدماج ذلك من أجل التصدي لوضعيات إشكالية متنوعة وجديدة ومواجهتها بكل إقتدار.
8. الكفاية هدف وظيفي، بمعنى الكفاية ليست هدفا في حد ذاته وإنما لغاية توظيفها في الأداء.
وخصائصها، أن:
· لكل كفاية سياق تكتسب وتنمو وتتطور فيه، وهو سياق متنوع يضم عددا من الوضعيات.
· الكفاية تستدعي امتلاك موارد متنوعة داخلية وخارجية.
· الكفاية تتطلب تعبئة وإدماج مجموعة موارد مختلفة ومتنوعة.
· الكفاية تتمركز حول المتعلم.
· الكفاية ذات دلالة عملية متعلقة بحل وضعيات ـ مشكلة.
· الكفاية تتجلى في الفعل والإنجاز.
· الكفاية أكثر تعقيدا من الهدف.
· الكفاية تقوم وفق معايير محددة.
إضافة الى هذا فإن المقاربة بالكفايات إنما تغنيها وتساعدها، وتشكّل دعماً لها؛ الوضعية المشكل، فالوضعية- وفق كزافيي روجرز- هي سياق حدثي لتفاعل الذات مع الموضوع قصد تحقيق هدف معين، وهي في بعدها الفلسفي تحيلنا على الوقائع التجريبية، ومن ثم تشكل دعوة الذات إلى التفكير العميق وجمع مداخل فعلها وانفعالها بالموضوع. وهي في المجال التعليمي تنقسم إلى أربع وضعيات؛ وضعية ـ مشكلة ديداكتيكية ؛ وضعية بنائية ؛ وضعية إدماج ؛ وضعية تقويم.
فالوضعية ـ المشكلة الديداكتيكية مثلاً، هي وضعية في سياق تعليمي تعلمي ذات دلالة ومعنى للمتعلم، تستهدف خلخلة بنيته المعرفية من أجل بناء التعلمات الجديدة المرتبة بالكفاية، وتتسم هذه الوضعية ب:
أ ـ وضعية للاستكشاف تكون في بداية الدرس.
ب ـ تسمح بتعبئة مكتسبات مندمجة
ج ـ ترشد المتعلم نحو إنجاز مهمة ذات دلالة تعليمية تعلمية أو اجتماعية أو ثقافية أو أخلاقية أو ...
د ـ تحمل معنى ذاتي بالنسبة للمتعلم في حياته الخاصة أو العامة.
هـ ـ تشكل للمتعلم تحديا في مقاربتها؛ حيث يعجز عن إيجاد الحل، وبالتالي يحس بأنه في أمس الحاجة إلى اكتساب كفاية معينة لمقاربة الوضعية بطريقة فعالة. وبذلك تتولد لديه رغبة التعلم، وهذا ما يسمى بالوظيفة الديداكتيكية لهذا النوع من الوضعيات. وهي وظيفة تحفيزية على فاعلية بناء التعلمات المرتبطة بالكفاية.
و ـ ليس هذه الوضعية تمرينا وإنما مقاربة لمشكل أو إشكالية ما.

نموذج تطبيقي للتقويم بالكفايات:
إن تقويم الممتحن في مادة الفلسفة يتماشى والمقاربة بواسطة الكفايات من حيث إنه يهتم بالكفايات العليا التي يحققها هذا الممتحن في أثناء إنجازاته، لذا فإن منحه حرية اختيار الموضوع الذي يرغب فيه ويلتمس فيه مواطن الاهتمام ومصدر الثراء الفكري؛ وجعله مسؤولا عن طريقة تحليله وعن مواقفه الشخصية فضلا عن تبعات مصير اختياره؛ من خلال وضعه أمام أصناف من موضوعات تختلف في طروحاتها ومهيأة لاستيعاب أهم انشغالاته المتنوعة؛ ودعوته وتحفيزه على الاهتمام، مما يستوجب منه بذل المزيد من الجهد لبلوغ الإبداع عن طريق إدماج الكفايات العليا؛ يتماشى مع المهمة المنوطة بالتقويم بالكفايات.
وهذا كلّه يعني طرح أسئلة إختيارية، كأن يخيّر المتعلّم بالإجابة عن سؤال من بين ثلاثة أصناف من الموضوعات، وهي:
1- الموضوع الأول: السؤال المشكل، وهو سؤال نظري يطرح قضية فلسفية تثير اهتمام العقل السليم.
2- الموضوع الثاني: عبارة عن مقالة تتضمن وضعية مشكلة حسية ، تطرح وضعا محرجا ، يقحم فيها المترشح إقحاما إلى درجة الشعور بأنها وضعيته الشخصية، ويطلب منه حلها بأفكاره ومعتقداته، دون الوقوع في تنازع .
3- الموضوع الثالث: النص المشكل، وهو مقال فلسفي يجيب فيه المؤلف عن سؤال مشكل، فيضع أمامنا أطروحة جاهزة، المطلوب هو فهمها وضبط علاقتها بالمشكلة وتقويمها والخروج بموقف منها. ويشفع بالسؤال الآتي: " أكتب مقالة فلسفية تعالج فيها مضمون النص " .
Ø مثال أول: عالج واحدا من الموضوعات الثلاثة الآتية :
1- الموضوع الأول : السؤال المشكل؛ إذا افترضنا أن الأطروحة القائلة " إن الإنسان مطلق الحرية "، أطروحة فاسدة، وتَقرَّرَ لديْك الدفاعُ عنها وتبنيها، فما عساك أن تصنع ؟
2- الموضوع الثاني : الوضعية المشكلة
إن المنهج التجريبي هو أساس الدراسات العلمية. غير أنه ـ كما تعلم ـ يختلف تطبيقه الميداني باختلاف أصناف العلـوم، وخاصة في مجال الدراسات الإنسانية؛ والمشكلة الأساسية هنا، ليست في الخطوات المنهجية النظرية بقدر ما هي في ممارسة المنهاج ممارسة ميدانية.
اكتب مقالا لصديقٍ لك منشغل بالبحث في الحوادث التاريخية، يطلب منك أن تنوره فيه بما تعلم في هذا المجال، فتصف له الطريقة العلمية التي تناسب دراسة الحوادث التاريخية وصفا عمليا بعيدا عن الكلام النظري المجرد، وصفا يساعده على الممارسة الفعلية للبحث وبلورة نتائجه.
يمكن التطرق في المقال لمحاور ثلاثة :
a. وصف إجمالي ونظري لخطوات المنهج التجريبي الخـاص بالعلوم الطبيعية.
b. الصعوبات التي تواجه العلوم الإنسانية في تطبيق المنهـج التجريبي، باختصار.
c. وصف ميداني لدراسة الحادثة التاريخية مع الإلحاح على ضرورة احترام خصوصيات طبيعة هاته الحادثة. (ويمكن هنا إعطاء أمثلة حصلت عند دراسة بعض القضايا أو المشكلات التي شكك في صحتها).
3- الموضوع الثالث : النص المشكل
لمّا صار المال مكتسبا القدرة على اشتراء كل شيء، ولمّا صار مكتسبا القدرة على امتلاك كلّ الأشياء، فإنه بذلك غدا موضوع الاكتساب الفائق عينه. فكلية قدرته تلك هي سلطان ماهيته. وهو لذلك يعتبر ذا سلطان (...) إن المال هو الوسيط بين الحاجة والموضوع، بين الحياة ووسيلة عيش الإنسان. غير أن ما يصلح حدّا وسطا لحياتي، يصلح أيضا حدّاً وسطاً لوجود الناس الآخرين بالنسبة إلي.
ماركس ( 1) (مخطوطات 1844 ) المخطوط الثالث
Marx, Manuscrits de 1844, Editions Sociales pp 119-121
- اكتب مقالة فلسفية تعالج فيها مضمون النص .

Ø مثال ثانٍ: عالج واحدا من الموضوعات الثلاثة الآتية :
1- الموضوع الأول : السؤال المشكل
قارن الأطروحة التالية بأخرى قابلة للمقارنة : "إن الذاكرة هي مجرد ظاهرة اجتماعية ". مرتبا مواطن الاختلاف ومواطن الاتفاق ترتيبا يتماشى مع طبيعة المشكلة .
2- الموضوع الثاني : الوضعية المشكلة
إذا كنت أمام موقفين متعارضين، يقول أولهما "إن معيار الحقيقة هو الوضوح".
ويقول ثانيهما " إن معيار الحقيقة هو النفع "، مع العلم أن كليهما صحيح في سياقه، ويدفعك القرار إلى أن تفصل في الأمر فتصف المعيار السليم الذي يرشد إلى الحقيقة، فما عساك أن تصنع ؟
3- الموضوع الثالث : النص المشكل:
ثم أني لمّا فرغت من علم الفلسفة وتحصيله وتفهمه وتزييف ما يزيف منه، علمت أن ذلك أيضاً غير واف بكمال الغرض، وأن العقل ليس مستقلاً بالإحاطة بجميع المطالب، ولا كاشفاً للغطاء عن جميع المعضلات، وكان قد نبغت نابغة التعليمية، وشاع بين الخلق تحدّثهم بمعرفة معنى الأمور من جهة الإمام المعصوم القائم بالحق، فعنّ لي أن أبحث في مقالاتهم، لأطّلع على ما في كنانتهم.... فابتدأت بطلب كتبهم وجمع مقالاتهم. وكان قد بلغني بعض كلماتهم المستحدثة التي ولّدتها خواطر أهل العصر، لا على المنهاج المعهود من سلفهم. فجمعت تلك الكلمات، ورتبتها ترتيباً محكماً مقارناً للتحقيق، واستوفيت الجواب عنها، حتى أنكر بعض أهل الحق مني، مبالغتي في تقدير حجتهم، فقال: "هذا سعي لهم، فإنهم كانوا يعجزون عن نصرة مذهبهم بمثل هذه الشبهات لولا تحقيقك لها، وترتيبك إياها".
حجة الإسلام أبي حامد الغزالي
كتاب المنقذ الى الضلال والموصل الى ذي العزّة والجلال
- اكتب مقالة فلسفية تعالج فيها مضمون النص .





المراجع:
www.dafatir.com/vb/showthread.php?t=75022 - Cached - Similar
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=111662
http://www.oujdacity.net/oujda-article-4663-ar.htm
http://images.google.com/imgres?imgurl=http://www.doroob.com/wp-content/images/userimages//hamdaui1.jpg&imgrefurl=http://www.doroob.com
www.majala.13.fr/file/telechargement/kifayat.doc
http://doc.abhatoo.net.ma/spip.php?article1740
http://www.crdp.org/crdp/Arabic/ar-news/majalla_ar/pdf39/34-38.pdf
http://oubellil.jeeran.com/philosophie/archive/2009/4/845848.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق